افــعــال رجــال الكنــيســة التــي تعــارض الكتــاب المــقدس :نفيهم لعقيدة الملك الارضي للمسيح له المجد



قال رجال الكنيسة ان المسيح رفض الملك الارضي وبالتالي فقد اغلقوا الباب بوجه المسيح وبوجه مجيء الملكوت الالهي المرتقب مجيئه على الارض ليبسط العدل والسلام ، وهم بقولهم هذا يعارضون نصوص الكتاب المقدس الم يذكر الكتاب المقدس ان مملكة الرب سيكون لها اثر على الأرض اقرأوا هذا النص الذي يقول ( فيسكن الذئب مع الخروف ويربض النمر مع الجدي والعجل والشبل والمسمن معا وصبي صغير يسوقها والبقرة والدبة ترعيان تربض اولادهما معا والاسد كالبقر يأكل تبنا ويلعب الرضيع على سرب الصل ويمد الفطيم يده على جحر الافعوان لا يسوؤون ولا يفسدون في كل جبل قدسي لأن الأرض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي مياه البحر ) اشعياء 11 : 6- 10. من الواضح من التفاصيل التي ذكرت هنا في هذا النص ان مملكة الرب ارضية وليست سماوية اضافة الى نصوص اخرى على سبيل المثال في سفر الرؤيا : ( ورأيت عروشا فجلسوا عليها وأعطوا حكما ورأيت نفوس الذين قتلوا من اجل شهادة يسوع ومن اجل كلمة الله والذين لم يسجدوا للوحش ولا لصورته ولم يقبلوا السمة على جباههم وعلى ايديهم فعاشوا وملكوا مع المسيح الف سنة ، واما بقية الاموات فلم تعش حتى تتم الألف سنة ، هذه هي القيامة الاولى . هؤلاء ليس للموت الثاني سلطان عليهم بل سيكونون كهنة لله والمسيح وسيملكون معه الف سنة ، ثم متى تمت الألف سنة يحل الشيطان من سجنه ويخرج ليضل الامم الذين في اربع زوايا الارض يأجوج ومأجوج ليجمعهم للحرب ..) رؤ 20 : 4- 8 .. وهناك نصوص اخرى لم نذكرها مراعاة للاختصار .
اما آباء الكنيسة الشرقية والغربية فيقولون ان ملك المسيح روحي سيتم او تم على الصليب او يأتي و يخطف المختارين في السماء ولا وجود للحكم الأرضي 
و يقولون اقصد آباء الكنيسة ومن آمن بفكرهم ان المسيح رفض الملك الأرضي ولديهم عدد من النصوص التي يفسرونها على انها تثبت رفض المسيح للملك الأرضي ويسوقونها لنفي مسالة او عقيدة الملك الارضي .
منها هذا النص وكان في مناسبة ان عبر بحر الجليل : ( قالوا ان هذا هو بالحقيقة النبي الآتي الى العالم ، واما يسوع فأذ علم انهم مزمعون ان يأتوا ويختطفوه ليجعلوه ملكا انصرف ايضا الى الجبل وحده ) يوحنا 6 : 15 
ونص آخر قال فيه : ( مملكتي ليست من هذا العالم لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا اسلم الى اليهود ) يوحنا 18 : 36 .
هذين هما النصين الذين استدل بهما اتباع الكنيسة التقليدية حول رفض المسيح للملك الأرضي وبنوا عقيدتهم وعقيدة من اتبعهم من الناس على اساسهما . وعليهما الكثير من النقاش ..
بالنسبة للنص الاول فلا يثبت ان المسيح رفض الملك الأرضي ، نلاحظ ان الانبا شنودة يقول ان صعود المسيح الى الجبل يعني محاولة رفضه لتنصيبه ملكا على اليهود في تلك الحادثة ، ولكن هذا ليس السبب الحقيقي اقصد لا يعني ان المسيح لا يريد ان يقيم مملكة الرب العادلة على الأرض بالعكس فهو جاء لكي يتمم وعد الانبياء والنبوءات بتحقيق مملكة الآب حيث يلعب الذئب مع الغنم كما ذكرنا .لكن السبب الحقيقي وراء صعوده الى الجبل هو الخوف ..نعم الخوف على نفسه وعلى رسالته التي يحملها بين جنباته الى العالم ، فالخطر كان محدقا بيسوع المسيح وتلاميذه من كل جانب ، من جانب هنالك الكهنة والكتبة يريدون ان يجدوا زلة واحدة عليه كي يكون لهم ذريعة للشكاية عند الحكام ضده اقرا النص التالي : ( فوقف يسوع امام الوالي فساله الوالي قائلا أانت ملك اليهود ؟..فقال له يسوع انت تقول ، وبينما كان رؤساء الكهنة والشيوخ يشتكون عليه لم يجب بشيء فقال له بيلاطس اما تسمع كم يشهدون عليك ؟) متى 27 : 11 – 14 . هذا مثال واحد على تربص الكهنة والشيوخ بيسوع المسيح كي يدينونه ويشتكون عند الحاكم ويبين لنا ايضا انهم انطلقوا من اخطر تهمة كي يضعون الأغلال في يده وتكون جريمته اعظم الا وهي ادعاؤه انه سيكون ملكا لليهود ، ويسوع المسيح بمقتضى الحكمة والمعرفة الألهية التي يمتلكها والفطنة يعلم جيدا انه ان سلم للناس الذين يريدون تنصيبه للحكم فانه يعني وأد الدعوة وهي لا زالت في المهد لأجل ذلك كله رفض ان ينصب في تلك اللحظة التي اراد الناس تنصيبه ملكا عليهم ..هذه هي الأسباب التي دعته لتركهم والانصراف للجبل وليس كما يقول الانبا شنودة واكثر آباء الكنيسة ان المسيح رفض الملك الأرضي .
اما بالنسبة الى النص الثاني وهو ايضا من النصوص التي استدل بها الآباء على ان المسيح لن يملك على الأرض ، نقول ردا على هذا الكلام ان المعنى واضح لو تمعنا في الكلام جيدا ، فيسوع له المجد يقصد ان مملكته ليست من هذا الزمان ولا يقصد انه لن يحكم العالم المادي ..فالنفي هنا جاء للزمان لا للكلية كما يقال ..فلقد اثبتنا من خلال جملة من النصوص الكتابية من العهد القديم وكذلك من العهد الجديد ان الرب قد ثبت ملكوته الأرضي الى جنب الملك الروحي ، ولا يعقل ان المسيح يأتي فيخالف النبوءات التي تتحدث عن اقامة مملكة عادلة على الأرض يسود فيها المحبة والسلام بين بني البشر ، فالمسيح جاء ليتمم كما قال هو في الانجيل وليس لكي ينقض ..وهذا مما لا خلاف عليه ، واذا كان المسيح قد اتى كي يحقق النبوءات لا يعقل ان ينفيها في نفس الوقت فهذا تناقض وحاشا الرب ان يقع في تناقض لأن التناقض من صفات الناس العاديين وليس من صفات الرجال الالهيين كالمسيح ...هذا اولا ..اما ثانيا فالحديث عن قول المسيح ان مملكته ليست من هذا العالم او من هذا الزمان يستلزم ان نتحدث قليلا عن شروط اقامة الممالك والحكومات في كل زمان ومكان ، حيث نعلم ان اي ثورة اذا ما كان هدفها تغيير الواقع وقلب الأمور والموازين فهي بحاجة الى جملة عوامل ومجموعة مقومات ومن هذه المقومات ان يكون الشعب على مستوى التهيئة الذهنية والنفسية لتقبل التغيير الذي سيحصل على يد الرجل الالهي من سيثور على الظلم والطغيان والجبروت ، اولا ..وثانيا ان يكون القادة الذين يساعدون الثائر ذاك مستعدين تماما للدفاع عن قائدهم ومعلمهم ..وكلا هذين العاملين نجد انهما لم يكتملا بشكل صحيح في زمن المسيح كي يقيم مملكته العادلة ..فالشعب اليهودي كان نعم يتوق الى المسيح كما يقول الانجيل بسبب سياسة الظلم لكنه كان في ذات الوقت منقاد وتابع للمعبد اليهودي ويسير وفق اقوال وافعال رجال الكهنوت والكتبة والدليل هو المعاناة التي عاناها المسيح بسبب محاولته لهدم الركيزة المعبدية لو صحت العبارة فهم لم يكونوا على مستوى المسؤولية اقصد الشعب اليهودي لكي يتمم وعد الرب وينهض المسيح بمشروع التغيير الذي نتحدث عنه والدليل قول المسيح لهم : ( هذا الشعب يكرمني بشفتيه اما قلبه فمبتعد عني بعيدا ) وبالتالي لم يجد المسيح اهم العوامل التي تعينه على اقامة مملكة الآب كي يقبل دعوة الشعب له لاعتلاء كرسي المملكة ، لأنها في نظره دعوة جوفاء خالية من الجوهر الصحيح والسليم . اما التلاميذ او القادة الذين يفترض ان يكونوا في الذروة لأعانة قائدهم العظيم المخلص السماوي فهم الآخرين كانوا مستضعفين او ضعفاء ولم تكن في يديهم القوة الكافية لتغيير العالم بل كان قدرهم ان يقوموا بالكرازة وحدها في العصر الذي تلى الصليب والتضحية بالذات ، كان ايمانهم عظيما لكن كان ينقصه الاستبسال في سبيل تنصيب القائد ..ولذلك قال : ( لو كانت مملكتي من هذا العالم لدافع عني خدامي ) وفي النهاية فان مملكته مدخرة لزمان آخر هو ليس الزمان الذي عاش فيه .
اما بالنسبة لعقيدة الملك الألفي فهي عقيدة صحيحة مائة في المائة ومثبتة في نصوص الكتاب المقدس .. وقد اشير اليها صراحة في رؤيا يوحنا اللاهوتي : ( فعاشوا وملكوا مع المسيح الف سنة ..) و لكن الآباء يقولون ان معنى الألف سنة هو معنى رمزي ويشير الى الكثرة وانه بدأ منذ ان علق المسيح على الصليب ونقول ان هذا الكلام غير صحيح مرة اخرى .. اولا لقد مضى على صلب المسيح اكثر من الف سنة وبالتالي يستلزم ان نخرج هذه السنوات التي مضت بعد الألف سنة اين تكون وتحت اي عنوان توضع ؟..ثانيا ان قالوا ان الألف سنة تكون في العالم الروحي او الملك الروحي فيرد عليه ان العالم السماوي هو عالم خالي من الزمان او لنقل ان الزمان فيه يختلف فكما قال الرسول بطرس ( ان يوما واحدا عند الرب كألف سنة والف سنة كيوم واحد) رسالة بطرس 3 : 8 .. فلو فرضنا ان المسيح ملك على الصليب بحساب اهل السماء يكون ان الف عام مضت على الصليب توازي تقريبا مليارات السنين بحساب الآب في السماء ..انظروا الخطأ الذي وقع فيه آباء الكنيسة في محاول حيود التفسير عن مساره الصحيح ليس لشيء الا لغلق الباب في وجه عودة السيد المسيح الى الناس والمؤمنين به في كل مكان كي تدوم سلطتهم الدينية ويبقون قابعين في بروجهم العاجية ويبقى ملكهم الى الأبد بديلا عن ملك المسيح المرتقب المأمول .

من فكر المسيح العائد


0 التعليقات: